أوّل اجتماع لـ«مجموعة لاهاي» لا تراجع عن ملاحقة إسرائيل الأميركيتان عمر نشابة الخميس 17 تموز 2025 اتّجهت جميع الأنظار
أوّل اجتماع لـ«مجموعة لاهاي»: لا تراجع عن ملاحقة إسرائيل
الأميركيتان
عمر نشابة
الخميس 17 تموز 2025
اتّجهت جميع الأنظار نحو ألبانيز التي فرضت واشنطن عقوبات عليها بسبب موقفها من الحرب على غزة (أ ف ب)
عقدت «مجموعة لاهاي» أول اجتماع وزاري طارئ، على مدى اليومَين الماضيَين، في العاصمة الكولومبية بوغوتا. وتسعى المجموعة، المكوّنة من بوليفيا وكوبا وهندوراس والسنغال وجنوب أفريقيا وماليزيا وناميبيا وكولومبيا، إلى الحصول على دعم ما يقرب من 30 دولة ووكالة تابعة للأمم المتحدة، لمواجهة انتهاكات الكيان الإسرائيلي للقانون الدولي، وارتكابه الإبادة الجماعية وجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب بحقّ مئات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقبيل بدء الاجتماع الذي عُقد في قصر سان كارلوس (مقر وزارة الخارجية الكولومبية)، وفي ظلّ تصاعُد عدوان الحكومة الأميركية ضدّ المجموعة، قال وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، رونالد لامولا: «يمثّل هذا الاجتماع نقطة تحوّل في الاستجابة العالمية لانتهاك القانون الدولي. لا توجد دولة فوق القانون، ولن تمرّ أيّ جريمة من دون محاسبة».
أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن معارضتها الشديدة لاجتماع «مجموعة لاهاي» في كولومبيا
وخلال الجلسة الافتتاحية، صباح أول أمس، دعا عدد من المسؤولين إلى وقف الهجمات الإسرائيلية على غزة. وقالت وزيرة الخارجية الكولومبية، روزا يولاندا فيلافيسينسيو، في كلمتها، إن الهجمات الإسرائيلية تُشكل «إبادة جماعية» لا لبس فيها. وبالإضافة إلى وفود من حوالى 30 دولة، ضمّ الاجتماع ضيوفاً بارزين، من بينهم العديد من مقرّري الأمم المتحدة، فيما اتّجهت جميع الأنظار نحو ألبانيز التي قالت إن الاجتماع يشكّل خطوة مركزية في المساعي الدولية لوقف الإبادة الجماعية في غزة؛ علماً أن واشنطن كانت فرضت عقوبات على المقرّرة الأممية، على خلفية تقاريرها الحقوقية وتصريحاتها.
وشارك في الاجتماع الطارئ كلّ من الجزائر، بوليفيا، الصين، البرازيل، العراق، لبنان، نيكاراغوا، عُمان، باكستان، إسبانيا، تركيا وفنزويلا، كما حضر ممثّلون عن مصر وقطر. ومن بين المشاركين أيضاً، النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي، ريما حسن، التي شاركت أخيراً في أسطول الحرية، والسفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور.
ثلاثة أهداف أساسية
تشكّلت «مجموعة لاهاي»، في كانون الثاني الماضي، في المدينة الهولندية التي تحمل اسمها. واتّفق أعضاؤها، بقيادة كولومبيا وجنوب أفريقيا، على ثلاثة أهداف مشتركة، هي:
- الامتثال لمذكرتَي الاعتقال الصادرتين عن "المحكمة الجنائية الدولية" بحقّ كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق يوآف غالانت؛
- منع توريد الأسلحة إلى إسرائيل؛
- منع السفن المرتبطة بالصناعة العسكرية الإسرائيلية من الرسوّ في موانئ دول المجموعة.
واشنطن تهاجم «الشيوعيَّيْن الاستبداديَّيْن»
وأعربت وزارة الخارجية الأميركية عن معارضتها الشديدة لاجتماع «مجموعة لاهاي» في كولومبيا؛ وذكر أحد مسؤوليها أن الولايات المتحدة «تعارض بشدّة جهود ما يُسمى بالتكتلات المتعدّدة الأطراف لاستغلال القانون الدولي كأداة لتحقيق أجندات متطرّفة معادية للغرب». وأضاف المسؤول: «مجموعة لاهاي، ممثَّلة بجنوب أفريقيا وكوبا، وهما نظامان استبداديان وشيوعيان بسجلّات حقوق إنسان مثيرة للقلق الشديد، تسعى إلى تقويض سيادة الدول الديمقراطية من خلال عزل إسرائيل ومحاولة نزع الشرعية عنها. ستدافع الولايات المتحدة بقوّة عن مصالحها وجيشنا وحلفائها، بمن في ذلك إسرائيل، ضد هذه الحرب القانونية والدبلوماسية المُنسّقة. نحثّ أصدقاءنا على الوقوف معنا في هذا المسعى الحاسم».
«واجب» مواجهة إسرائيل
أمّا الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، فذكر (في مقال له في صحيفة «غارديان» البريطانية)، أن «من واجب جميع الحكومات، بما في ذلك حكومته، الوقوف في وجه إسرائيل». وأضاف: «الهدف من اجتماع مجموعة لاهاي هو طرح تدابير قانونية ودبلوماسية واقتصادية ملموسة من شأنها وقف الجرائم الإسرائيلية في غزة، ودعم المبدأ الأساسي القائل إنه لا دولة فوق القانون». وكانت كولومبيا قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل و«حكومتها ورئيسها المجرم»، في أيار الماضي. وقال بيترو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول الماضي: «عندما تموت غزة، ستموت البشرية جمعاء». وردّاً على هذه التصريحات، وصف نتنياهو الرئيس الكولومبي بأنه «معادٍ للسامية» و«مؤيّد لحماس».
محامٍ بريطاني إسرائيلي هدّد كريم خان
نشر موقع «ميدل إيست آي» تحقيقاً أجراه ديفيد هيرست وعمران ملّا، خلص إلى أن المحامي البريطاني الإسرائيلي، نيكولاس كوفمان، الذي يعمل في «المحكمة الجنائية الدولية»، ولديه صلات بأحد مستشاري نتنياهو، كان هدّد المدّعي العام في المحكمة، كريم خان (الذي أُرغم على التنحّي أخيراً)، ونصحه بالتراجع عن ملاحقة نتنياهو قضائياً، وإلّا «سيُدمَّر». وطلب كوفمان من المدّعي العام، في حينه، «إبرام صفقة تتيح التراجع عن مذكّرات التوقيف الصادرة بحقّ نتنياهو وغالانت». ففي اجتماع خاص عُقد في الأول من أيار الماضي في لاهاي، أخبر كوفمان، خان أنه إذا لم تُسحب مذكّرات التوقيف - أو إذا صدرت المزيد منها بحقّ وزراء إسرائيليين - «فسيدمرونك وسيدمّرون المحكمة».
وفي مذكّرة من الاجتماع، اطّلع عليها موقع «ميدل إيست آي»، يُشير خان وزوجته إلى أنهما فسّرا كلمات كوفمان على أنها تهديد واضح. ونفى كوفمان للموقع توجيه أيّ تهديدات، معرباً عن مخاوفه في شأن الضغوط والعقوبات الأميركية التي قد تُشِلّ عمل المحكمة. لكنه قال إنه تحدّث مع المستشار القانوني لنتنياهو، روي شوندورف، وأخبر خان أنه «مُخوّل» باقتراح إعادة تصنيف أوامر الاعتقال على أنها سرّية - ما يسمح لإسرائيل بالاطّلاع على الادعاءات والطعن فيها سرّاً. كما حذّر كوفمان، خان من أنه إذا تقدّم بطلب للحصول على أوامر اعتقال جديدة، بما في ذلك بحقّ إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، بسبب الترويج للمستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، فإن «جميع الخيارات ستكون واردة».
وكان خان، الذي نفى جميع ادّعاءات سوء السلوك، يواجه اضطرابات داخلية في «المحكمة الجنائية الدولية» في ذلك الوقت، إذ وبعد أسبوعين من الاجتماع مع كوفمان، تنحّى عن منصبه عقب ورود ادّعاءات جديدة بالتحرّش الجنسي.
وفي نيسان الماضي، أخبر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، خان، في مكالمة هاتفية، أن إصدار أوامر الاعتقال سيكون بمثابة «إلقاء قنبلة هيدروجينية». وكان موقع «ميدل إيست آي» كشف سابقاً عن تفاصيل تلك المكالمة. ومنذ ذلك الحين، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خان، إلى جانب أربعة من قضاة المحكمة.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها